Sabtu, 9 Februari 2013

العلامة د. حسن الشافعي مناقب ومواقف


بسم الله الرحمن الرحيم
هزنى كما هز كثير من المسلمين أن يهان أحد أهم علماء الأمة اليوم بواسطة شباب ممّن يدعون الانتساب للمدرسة السلفية، ولهذا أكتب هنا مقالا سريعا عن هذا العالم سيليه قريبا إن شاء الله مقالات عنه أو كتابا شاملا عن حياته
إذا كان هناك واحد من علماء الأمة لم ينل الاهتمام الحقيقي بدوره في العصر الحديث فهو العلامة الكبير شيخ الإسلام في عصرنا حسن محمود عبداللطيف الشافعي، وذلك للأسباب التالية: لأنه كثير التواضع، ويبدو أن تواضع العلماء ليس محببا، أو هكذا كنت أظن، ففضيلة الشيخ القرضاوي عنده الاعتزاز بالذات، وفضيلة الشيخ الغزالي كان عنده ترفع عجيب وأنفة في تعامله حتى مع المريدين، وفضيلة الشيخ الشعراوي كان يزدري من ليس له علم أن يتكلم فيما لا يعلم، والدعاة ومنهم فضيلة الشيخ كشك كان يصرخ الواحد منهم وكأنه في ساحة المعركة. أما سيدنا حسن الشافعي فيتعامل مع الناس جميعا على أنهم أعلم منه، فكان يتعامل معنا وكأننا الأساتذة، وما زال بعضنا لا يدرك فضله، وقلما ينتبه الناس وأهل العلم إلى هذا النوع من العلماء، هذا النوع الرباني الذي تئن عنده وتشكو حاجتك فيشكو معك إلى الله!، ولجهلنا عن هذا النوع نظنه عجز والرجل كان أعلم منا بالله: وعجبت أن يقوم أناس غشيهم الجهل بالله وأعمي بصيرتهم حفظ النصوص أن يهينوا هذا العالم الجليل في مسجد النور الأسبوع الماضي، فقد قال له الأستاذ طارق البشري يوما: أنت تعمل في الصناعات الثقيلة فلا تتركها لأحد، فظل يعين المؤسسات الإسلامية من دار العلوم إلى رئاسة الجامعة الإسلامية العالمية ببكستان  إلى خدمته للأزهر الشريف وغيره من المؤسسات العلمية التي تخدم طلاب العلم الشرعي في جميع الأقطار وأخذ يؤلف الرجال وقل انتاجه من الكتب ومع ذلك له أكثر من عشرين كتابا ما بين التحقيق والتأليف والترجمة  أهمها: المدخل لدراسة علم الكلام والذي تبنى فيه الدفاع عن دور علماء العقيدة ومشروعية علمهم، وللرجل خصال كثيرة منها:
التواضع: وسيبين في مواقفي التي سأذكرها هنا كيف يتواضع رجل في قيمة الشافعي، يكفي أن نقول أنه يسمعك وكأنك العالم وهو التلميذ
الحب : من يعرف الإمام يعرف حبه لطلاب العلم، وكيف يلقاهم ويسمع لهم، ويهش ويبش في وجوههم بطريقة يتعجب لها كل من يعرفه، لكن من يحب الله ويحبه الله وتتجلى فيه المحبة إلى هذه الدرجة، لابد أن يكون حبيبا للرحمن ولن أذكر الرؤي المنامية- فلست ممن يؤيد الرؤي كدليل على شيء- التي يعددها تلامذته وهم يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي لبعضهم في المنام وقال صلى الله عايه وسلم: أنه يحب حسن الشافعي.
الكرم : حيث ينفق على طلاب العلم ويتصدق بشكل لم أره من أحد من العلماء أبدا، فكلما تمشي معه يُخرج النقود لمن يقابل من الفقراء ويشترى الكتب للطلاب ولا يستطيع طالب أن يدفع له حتى أجرة التاكسي أو غيره. فهو يعطى ولا يأخذ
الخدمة: قال يوما أنه كان في طريقه فقابله رجل فقال له: عليك بخدمة الخلق ثم خدمة الخلق ثم خدمة الخلق، وهو نموذج حي لتطبيق هذا المبدأ الصعب، ومن يومها أنا أسير على هذا الدرب بقدر الطاقة، لكني أقول عفى الله عنك يا أستاذي كيف تطيق هذا؟ فأنا لا أطيق هذا الجهد وكثيرا ما أتزمر منه، وربما أرتكب معاصي بسبب هذا الخُلق، لعدم صبري عليه، فيحدث مني أحيانا منّ أو تفضل أو حتى ازدراء لبعض من خدمتهم فأندم ندما شديدا، فبدلا من الأجر أحمل السيئات والمعاصيّ وأقول ياليتني لم أسمع منه هذه الجملة
الربّانية: يفهم الناس من الربانية الزهد والانزواء ويفهم حسن الشافعي من الربانية العطاء والعمل المتواصل، وسوف يكون لنا مقال طويل عن الربانية عنده
القدوة: يُعد الشافعي نفسه كغيره من المسلمين مجرد تلميذ في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم وفي ذات الوقت يجعل من نفسه المترسة الأولى في الدفاع عن رسالة أستاذه وقدوته عليه الصلاة والسلام، فتجد صفات النبي العملية تكاد تتحقق في هذا الرجل، فلا يتكلم إلا فيما تحته عمل، وينظر إلى العالم كله برأفة ورحمة وشفقة كأنه المسئول الوحيد عن ايصال رسالة الإسلام إلى العالم، ويهتز كثيرا إذا ما غابة طريقة محمد صلى الله عليه وسلم عن الدعاة، خاصة في قسوتهم بالبشرية وشعورهم كأنهم شعب الله المختار وكأنهم ليسوا هداة يبشرون الناس برحمة الله وحبه لهم، بدليل ايجاده لهم ومنه وفضله عليهم الدائم والمستمر.   
 وسوف أكتب كتابا كاملا عن الإمام أعدد فيها من محاسنه وأسرد ما كُتب عنه وما قيل فيه من شعر ونثر، لكن سأذكر اليوم ست مواقف لي معه تدلل على ربانية الرجل وكيف أنه مجاب الدعوة:
الموقف الأول: جئت إليه في شهر أكتوبر عام 1994 وسألت عن مكتبه فدلوني على مكتب مملوء بالطلاب عن آخره وبعضهم ملتحى لحية كثة، وبعضهم غير ملتح ومنهم المصري ومنهم غير المصري، وأول ما سمعت منه هذا الكلمات اتفضل  فجلست بين الطلاب وقال لبعضهم " بطبيعة الحال أنا أقلكم تدينا فهذه لحيتي قصيرة كما ترون، ولكني أحصيت على ابن تيمية من الأخطاء كذا وكذا" ولا أذكر الآن هذه الأخطاء لكن أذكر أنه قال: وما أنا إلا امتداد لشيخ الإسلام ولست بعدو له وكوني أحصى عنه بعض الأخطاءفهو خدمة لتراثه، وهو ليس بمعصوم، كل يأخذ منه ويرد إلا صاحب الروضة كما قال سيدنا مالك" ثم أخذ يسرد بعض من حسنات ابن تيميه وجهاده وأخذ يبصرنا بأن علم ابن تيمية ليس هو الأهم، بل إن جهادة أكثر أهمية من علمه، فالعالم الحق هو من يعمل بعلمه وليس من يدون الكتب والحواشي. ثم التفت إلي وقال ممّن الشيخ؟ : وهذه أول مرة يناديني أحد بهذا اللقب وأنا صاحب الثلاث وعشرين عاما، فقلت من المنيا، فقال لهم على فضل، فقد اختبأت في سمالوط هربا من الاعتقال في الخمسينيات، فأهل بأهل الفضل، قلت في الحقيقة أنا قنائي أعمل في المنيا، فقال البلد المحبب للإمام فقد نفي فيها وأحسن أهلها استقباله، ودفن فيها سيدنا …. وعدد كثير من علماء قنا ومشايخها، ثم سالني عن حاجتي، فقلت أريد أن أسجل معك رسالتي للماجستير عن الفكر السياسي عند الخوارج، فقال لي: اعمل مع أساتذتك في المنيا وأنا أساعد فيما أستطيع وهم أعلم مني (كعادته في التواضع)، لكن نصيحتى أن تعمل فيما يمكن أن يفيد الأمة وليس هناك خوارج اليوم، إنما هناك أخواننا من الإباضية، فأسلافهم هم الخوارج لكنهم معتدلون ونحتاج أن نتقارب معهم وأن يفهم بعضنا بعضا، وغيرت رسالتي ومضيت أفكر في هذا الرجل الذي أهدي إلى بكلمة بسيطة موضوع رسالتي للماجستير قائلا: وهو يميل إلى الأمام بحنان الأب مبروك الماجستير وكأنها دعوة لم تمض عليها ثمانية عشر شهرا إلا  وتحققت الدعوة وكان هو أحد المحكمين لتلك الرسالة
ثاني المواقف: جئت إليه وقد عانيت من دراسة الانجليزية سنتيين وها أنا مستعد لدخول الإمتحان لكن الوزير أصر حينئذ أن نغير دراستنا حسب حاجيات البعثات –وكان المقصد مادي حيث التعليم الجامعي مجاني في بعض الدول- أن نذهب لفرنسا أو ألمانيا فقلت له باكيا ماذا أصنع وأنا لا أعرف من الفرنسية أو الألمانية حرفا واحدا، فمال علىّ وقال ربما تكون من ذوي اللسانين، وقال توكل على الله : ما هذا الشيخ الذي لم يعط حلا غير الدعوة : توكل على الله ولا تعجز! وتوكلت وتقدمت في الفرنسية بطريقة غير طبيعية فكنت كلما أقر بالفرنسية أتعجب أيتعلم المرأ بسبب دعوة!
ثالث المواقف: عندما كنت في السنة الأخيرة لي ببعثتي في فرنسا وحضرت مؤتمرا بدار العلوم جامعة القاهرة عن تجديد العلوم الإسلامية (علم الكلام) وقدمت بحثا بعنوان: الرسالة الحضارية والسياسية للتوحيد: دراسة في فكر الإمام محمد عبده، فقرأ العنوان وقال هكذا يكون الكلام الجديد وليس بطريقتنا القديمة ودعا لي بالتوفيق، فعدت إلى فرنسا ورأيته في المنام وحده في المسجد وأنا أريد أن أتكلم معه وما قلت له شيئ، لكني نجوت من أصعب موقف تعرضت له في حياتي حيث أراد أحد القوميين العرب نسف رسالتي جملة وتفصيلا، عندما قلت له أنا تلميذ حسن الشافعي وأخذ يقول أن هذه الرسالة لطالب متطرف سلفي، لا يجب أن يمنح درجة علمية في فرنسا بلد التنوير، ومع ذلك نلت أعلى الدرجات رغم أنفه، فقد دفاع عني أربع من أعضاء اللجنة خوفا أن يكون هناك موقفا سياسيا يريد أن ينتصر له البروفسير برهان غليون ضدي، وقد يسبب هذا الموقف أزمة سياسية خاصة أن رسالتي في الفكر السياسي الديني وكان السبب في مهاجمة البروفسير برهان غليون لي أنني جعلت من الإمام محمد عبده وغيره من المفكرين المحسوبين على التيار القومي إسلاميين حتى النخاع، وأن قوميتهم جاءت عرضا في مشروعهم الإصلاحي. ولما نجوت تذكرت دعوة الشيخ!
رابع المواقف: عندما أعطيته كتابي عن العلمانية ليقرأه فقال لي هذا الكتاب سيجعلك مشهور جدا وأعلم أنك قد تلقى نقدا، لكنك لابد أن تثابر على اخراج أجزاءه الباقية واعتبره مشروع حياتك وأنت أكثر تمكننا من (س) صاحب أشهر كتاب عن العلمانية في العصر الحديث، لكن بلاش تهاجمه: صحيح أن الكتاب لم يحقق نجاحا إلى اليوم ولم يحقق شهرة، لكني واثق من أن كلام الشيخ سيتحقق، بل أنا اعتبر كلماته دعوة لي وليس تقريظا للكتاب
 خامس المواقف: وهي المرة قبل الآخيرة في مقابلته، كانت عند مكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر وكنت قد ذهبت لأهنأه على المشيخة، فأنا ممن تأثر بطريقة والده رحمه الله، وإن لم أكن صوفيا في يوم من الأيام، وإذ بي أجد الشيخ حسن الشافعي عنده وخرجنا معا، فقلت له أني قدمت أبحاثي للجنة الترقية لنيل درجة إستاذ مساعد فهل يمكن مساعدتي؟ فقال لي ارفع يدك فرفعت يدى وأخذ يدعو ودعوت معه وقال اللهم قد كبر سني ولم يعد لي حيلة فدبر أنت أمر ولدي هذا وأعطيه حاجته أو في هذا المعنى : وتذكرت أن الرجل ما دعا لى إلا وقبلت دعوته وركبت معه التاكسي وأخذت أكلمه عن الغرب وكأنه به جاهل، وهو الذي يقرأ عن الغرب أكثر مني وهو ذو الاتصال القوي بالعالم الإسلامي شرقه وغربه وكأني أنا الأستاذ وهو التلميذ، والسائق مشدود لكلامي، فحين هممت بالنزول قلت للسائق أرجو منك أن تصل بسيدنا الشيخ إل داره وتعينه حين ينزل، فقال لي أنى أعرف الرجل : قلت كيف تعرفه قال هذا رجل مبارك فقد ركب معي التاكسي الأسبوع الماضي من منزله إلى كلية دار العلوم وأعطاني أجرا ضعف ما أستحق.
وإذكر أخر مرة قابلته فيها في هذا الأسبوع في الجامع الأزهر وحوله جمهور كثيف منهم من يقبل يده وكتفه ورأسه وقبلت يده وما رآني من كثرة الزحام، ثم انتهي إلى الباب ولحقت به وسلمت عليه مرة ثانية فقال: الشيخ الصعيدى الفرنساوي وهو يعرف نائب رئيس جامعة الأزهر بي الذي كان يحميه أن يقع من كثرة المريدين، ثم قال كنت أقرأ لك… ولم يتم الجملة، وما أعرف ما كان يقرأ لي لكني اعتبرتها بشرى أنه سيعيش ليقرأ لي كتابا مهما أعده الآن عن ممارسة علم كلام جديد أدعو فيه للمصالحة العالمية بين المسلمين فبيما بينهم وبين المسلميين وغير المسلمين.
د.محمود مسعود أستاذ الفلسفة الإسلامية المساعد بكلية دار العلوم جامعة المنيا  


بعض مؤلفات العلامة الدكتور حسن الشافعي:
1.    الآمدي وآراؤه الكلامية  
2.     تطور الفكر الفلسفي في ايران - محمد إقبال ترجمة د. حسن الشافعي
3.    البيوت التعلمية بين مصروتونس
4.     الإمام محمدعبده وتجديدعلم الكلام
5.    معنى تجديد الفكر الإسلامي
6.    عطف الألف المألوف على اللام المعطوف / لأبي الحسن علي بن محمدالديلمي؛تحقيق د. حسن الشافعي؛وجوزيفنورمنتبل
نبذةعن الكتاب بالإنجليزية
7.    التيار المشائي في الفلسفة الإسلامي
8.     المدخل لدراسة علم الكلام
9.     المبين فى شرح معانى الفاظ الحكماء والمتكلمين

كتبها د.محمود مسعود

1 ulasan: